مدونة تهتم في تنمية الذات والشخصية

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

تجنب الوقوع في التفكير السلبي

 



تجنب الوقوع في التفكير السلبي 


يوجد ثلاثة أسباب رئيسية (كما شرحت سابقاً) تجعلنا عُرضَة للوقوع في التفكير السلبي. السبب الأول ظروف البيئة الصعبة مثل: انتشار الأوبئة والأمراض، الحروب، الظروف الاقتصادية في البلد، .... الخ. غالباً لا يكون لدينا سيطرة على هذه الظروف، ولكننا نستطيع أن نسيطر على أنفسنا وطريقتنا في الإستجابة لهذه الظروف.

 

الإستجابة السلبية هي رفض هذه الظروف والبدء في الشكوى والتذمر، والإستمرار في التفكير بالمشكلة نفسها والتركيز عليها ويصبح أغلب حديثنا عن هذه الظروف، فيبدأ قانون التركيز في العقل الباطن بالعمل، الشيء الذي نركز عليه ونفكر به ونتحدث عنه باستمرار سيكبر ويتبرمج في العقل الباطن، أيضاً نرفض هذه الظروف ونحاول أن نغيرها، لا نستطيع تغييرها فيصبح لدينا مشكلتان هما مشكلة الرفض ومشكلة عدم القدرة على التغيير.

 

 هنا ستبدأ لدينا سلسلة الحالة النفسية، فيبدأ لدينا شعور في الخوف من هذه الظروف ومن الفشل في التغيير، والخوف من المرض والموت والمستقبل والمجهول، وبعد فترة من الزمن ننتقل في سلسلة الحالة النفسية إلى المرحلة التي تليها، فيبدأ لدينا القلق والتوتر ثم الغضب يتسلل الى تفكيرنا وسلوكنا، ثم ننتقل الى المرحلة التالية وهي الإكتئاب وبعدها ستبدأ الحالات النفسية تصيب الجسد ببعض الأمراض والتي تحدثنا عنها سابقا وتستمر السلسلة طالما نحن مستمرين في التفكير السلبي.

 

الإستجابة الإيجابية هي الرضا لهذه الظروف كما هي ولا نحاول تغييرها لأننا لا نستطيع تغييرها غالباً، (الشخص الذي لدية سلطة وقدره على التغيير فلا بأس أن يعمل على التغيير)، نحن لا نستطيع تغيير هذه الظروف ولكننا نستطيع أن نتكيَّف معها، وأن نجد الفرص المخفية التي بداخلها، وأن نجعل هذه الظروف بمثابة إختبار وتحدي لكي يصبح لدينا حماس ونشاط في التكيَّف مع هذه الظروف، وأن نصنع ظروفنا الخاصة ونعمل عليها ونستمر في العمل والتقدم والنجاح. الظروف سنتغلب عليها ونعتبرها خبرة لنا وليست مشكلة نفكر بها، سنجد حلول ابداعية وابتكارية وطرق مختلفة لكي نتغلب على تلك الظروف، سنقبل التحدي ونعمل على تطوير أنفسنا ومهاراتنا لتواكب هذه الظروف، ولن نقبل أبداً أن نجعل هذه الظروف تؤثر على حالتنا النفسية.

 

هل أنت تعاني من حالة نفسية بسبب الظروف العامة في البيئة؟ هل تأثرت كثيراً من انتشار الأمراض التي سببت لك الخوف من المرض أو الخوف من الموت؟ هل تفكر كثيراً في هذا الموضوع؟ هل يغلب على حديثك هذه المواضيع؟ هل تستطيع أن تحل مشكلة انتشار الأمراض؟ دعني أساعدك، اقرأ الاية التالية وكررها دائماً، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ . سورة التوبة الاية 51.

 

 تستطيع أن تتغلب على هذه الظروف بقوة إيمانك، مهما حصل من حروب وأمراض وما الى ذلك من مشكلات أخرى فكل ما عليك القيام به هو أن تتوكل على الله تعالى وأن تأخذ بالأسباب، اجعل هذه الظروف تحدي وليس مشكلة، ابذل مجهود أكبر في العمل على التغلب على الظروف الصعبة وتأكد بأن الله معك بقوة ايمانك وبصلاتك وبدعائك الى الله.

 

      السبب الثاني الذي يجعلنا عرضة للوقوع في التفكيرالسلبي هو الناس المحيطين من حولنا، أفكارهم وسلوكهم وقراراتهم الغير مناسبة بالنسبة لنا، انهم محبطون وينقلون لنا الطاقة السلبية، يسببون لنا بعض المشكلات في البيت والعمل وفي كل مكان نجدهم من حولنا، نرجع الى البيت ونفكر في المواقف التي حصلت معنا مع هؤلاء الناس وببعض الكلمات الجارحة التي سمعناها.

 

 أشعر الاَن بالضيق لأنني لم أستطيع الرد على الناس المحبطون أو مواجهتهم أو التعامل معهم، أشعر بالخوف من مواجهتهم والتصدي لهم حيث لا أستطيع تغيير أفكارهم أو معتقداتهم أو قراراتهم، هذا الخوف بدأ يتسلل الى قلبي، الخوف الإجتماعي، الخوف من مواجهة الناس، الخوف من الفشل في التعامل معهم، الخوف من عدم القدرة على إقناعهم بالشيء الذي أريده أنا.

 

لقد بَدَأَت معي سلسلة الحالة النفسية، إبتداء من إهتمامي بانتقادات المحبطين من الناس من حولي، ومن عدم قدرتي على مواجهتهم والخوف من مواجهتهم، ثم بالخوف منهم، ثم بدأت سلسلة الحالة النفسية تتقدم أكثر وأكثر، أشعر بالغضب منهم وبالتوتر والقلق، وقد وصلت الى مرحلة الإكتئاب. هنا بدأ يتأثر عملي وشغلي وضعف إنجازي وبدأت أشعر بعدم الرغبة بالعمل، وعدم الرغبة بعمل أي شيء، بدأت الدنيا تَسوَد في نظري.

 

           الأفضل أن تتجنب بقدر المستطاع هؤلاء الناس حتى لا تبدأ معك سلسلة الحالة النفسية، واذا لم تستطيع تجنب البعض منهم لوجود علاقة قريبة، فعليك بالعمل على الإحتواء والتكيّف مع هؤلاء الناس، أن تتقبلهم كما هم، بأفكارهم وسلوكهم، وبدون أن تتأثر بهم، ولن تسمح لهم بنقل طاقتهم السلبية لك، ولا تشاؤمهم بالحياة أيضاً.

 

   الإستجابة الإيجابية للناس المحبطين والسيئين من حولنا تكون من خلال:

 

1-  التجنب

2-  الإحتواء

3-  التغيير

 

 اذا جلست مع شخص مكتئب فلا ترجع الى بيتك مكتئب مثله، بل ارجع الى بيتك سعيد ولا تجعل أي شخص أن ينقل لك مشاعره السلبية، إذا سمعت كلمة لم تعجبك قم بالرد فوراً وانهي الموضوع حتى لا تفكر به لاحقاً، اذا لم تستطيع الرد فسوف تستطيع الرد لاحقاً أو قد تسامح الشخص على الكلمة ولكن في جميع الأحوال لا تتأثر بما سمعته، حتى لا تبدأ عندك الحالة النفسية، صحتك ونفسيتك أهم من الناس ومن المحبطين ومن السلبيين. وأما عن التغيير، حاول أن تغيّر في الأشخاص المهمين في حياتك، تغيير طريقة تفكيرهم و سلوكهم وعاداتهم لأنهم مهمين عندك، التغيير بالاَخرين بحاجة الى صبر وتأني و وضع خطة في التغيير بشكل تدريجي حتى يَتقبَّل الطرف الاَخر هذا التغيير ويقتنع به.


السبب الثالث في حصول الحالة النفسية هو الذكريات المؤلمة، العديد من الناس لديهم ذكريات مؤلمة وخبرات قاسية في مرحلة الطفولة، والتي أصبحت تؤثر عليهم طوال حياتهم، فقد يصل الشخص الى سن الأربعين وهو مستمر في التأثير من عقدة الماضي، الذكريات المؤلمة تسبب صراع داخلي بين الشخص ونفسه، وهذا الصراع يسبب التوتر والقلق.  ما يلي بعض من الأحداث أو المشكلات الشائعة في مرحلة الطفولة على سبيل المثال لا الحصر:

 

 

1-  الاعتداء الجنسي

2-  التنمُّر

3-  التعرُّض إلى الضرب

4-  التعرُّض إلى الإهانة أو الشتيمة

5-  العيب الخلقي ( مثلا طفل يكون حجم أنفه كبير فيتعرض الى الاستهزاء )

6-  السُمنة ( طفل سمين ويتعرض الى الاستهزاء من الاَخرين )

7-  الخوف والقلق وعدم الشعور بالأمان بسبب ظروف التربية  السلبية

8-  التخويف المقصود (مثلا: يقول الأب له: اذا لم تسكت سأحضر لك الشرطي)

9-  طلاق الأبوين

10-                 مشاكل الأبوين

11-                 مشاهدة حادث مؤلم

12-                 التعرض الى حادث مؤلم

13-                 كثرة الإنتقاد (مثلاً أن تقول الأم الى طفلها درجاتك بالمدرسة أقل من إبن عمك، أنت شحص فاشل)

14-                 البرمجة العقلية السلبية كأن يقول له أبوه أنت غبي أو أنت كسلان، ...

 

الإستجابة السلبية هي أن نتذكر الماضي الأليم دائماً ونجعله هو العذر في فشلنا بالدراسة أو العمل أو حتى بالعلاقات مع الاَخرين أو العلاقة الزوجية، الماضي ملتصق في تفكيرنا وبعقلنا ولا يمكن أن نتخلص منه، الماضي هو سبب تعاستنا وشقاؤنا وفشلنا.

 

الشيء الذي نفكر به باستمرار سيكبر في نظرنا وسوف تزداد أهميته في مشاعرنا وحياتنا، وهنا ستبدأ سلسلة الحالة النفسية بالخوف من الفشل في المستقبل بسبب الماضي الأليم الذي يسبب لنا الخوف والقلق والتوتر والإكتئاب. العقدة النفسية في الماضي استمرت الى الحاضر وبدأنا نتأثر بعقدة الماضي من خلال السلوك العدواني أو الإنطوائي أو الخوف والخجل الزائد، وهذا كله سيقف بطريقنا نحو سيرنا في الحياة.

 

الإستجابة الإيجابية هي أن ننسى الماضي، نحاول أن نتناسى الماضي، الماضي انتهى ولن يعود ولن نجعله يؤثر فينا في الحاضر ولا في المستقبل. ويمكن أيضاً أن نتخلص من عقدة الماضي من خلال إعادة برمجة العقل الباطن والتي سنشرحها لاحقاً في هذا الكتاب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق